يرجع السجال حول طبيعة وجوهر ومنوال تواجد المكان إلى العصور القديمة؛ ونعني بذلك إطروحات مثل إطروحة
تيماوس (وتعني "القيمة") التي وضعها
أفلاطون، أو سقراط في تأملاته فيما سماه الإغريق "الخورا" (أي "الفضاء")، أو في فيزياء أرسطو (الكتاب الرابع، دلتا) في تعريف "التوبوس" (أي المكان)، أو حتى في إطروحات الموسوعي العربي ابن الهيثم في مرحلة لاحقة حول "المفهوم الهندسي للمكان"، كما كتب في مخطوطته (قول في المكان) في القرن الحادي عشر، التي عارض فيها مفهوم أرسطو الفلسفي حول المكان. نوقشت العديد من هذه الأسئلة الفلسفية الكلاسيكية في عصر النهضة ومن ثم أُعيد صياغتها في القرن السابع عشر، ولا سيما خلال مراحل التطور المبكرة لعلم الميكانيكا الكلاسيكي (القديم). فمن منظور السير إسحاق نيوتن، الفضاء كان مكان مطلق أو بَحْت، بمعنى أنه كان موجود دائما وبصرف النظر عما إذا كانت هناك أي مادة أو شيئ يملأ هذا الفضاء. ومع ذلك أعتقد الفلاسفة الطبيعيون الأخرون، وخصوصا غوتفريد لايبنتز، أن الفضاءكان في الواقع عبارة عن مجموعة من العلاقات بين الكيانات، تُعطى بواسطة تعريف مسافاتها واتجاهاتها من بعضها البعض. في القرن الثامن عشر، حاول الفيلسوف واللاهوتي جورج بيركلي أن يدحض "الرؤية للعمق المكاني" في مقالة بعنوان: "مقالة نحو نظرية جديدة للمُتَصَوّر". في وقت لاحق، قال الفيلسوف الماورائي إيمانويل كانت أنه لا يمكن إدراك المكان أو الزمان بشكل تجريبي أو عملي، إنهما عنصران لإطار تصوري للعمل يستخدمه البشر لهيكلة جميع التجارب. وأشار كانت إلى "المكان" في كتابه نقد الإدْراك الصافي بأنه: "شكل مسلم به نقي من أشكال الحدس" الذاتي، وبالتالي فإنه إسْهام لا مفر منه لملكات البشر العقلية.